كيف تكتب قصة مثالية؟
هل سبق وأن قرأت قصة وأحببت أسلوب الكاتب ثم تساءلت، كيف له أن يكتب قصة مثالية بهذا الشكل؟ إن من أكثر الأعمال الدالة على إبداع العقل البشري هو كتابة قصة بديعة. فالإنسان أسير القصص وبحَار منذ الأذل في بحر الخيال. ولكن قبل أن تتعلم كيف تكتب قصة مثالية، لنتعرف على بعض صفات شاعر أثينا المرموق أرسطو.
كان أرسطو مهتمًا بالقصص لأنه رآها شكلاً من أشكال الفلسفة. لقد تعامل مع كتابة القصة بنفس الطريقة العلمية التي تعامل بها مع علم الأحياء والفيزياء!
إن موضوع الشعر عند أرسطو ليس الشعر كما نتخيله الآن، بل الفنون الإبداعية. يتناول الكتاب الأول الشعر الملحمي والمأساة بشكل خاص. نظرًا لأن الكتاب الثاني تناول الكوميديا، فقد كان من غير المرجح إعادة نسخه في الأديرة.
الكتاب الأول هو أقدم عمل باقٍ للنظرية الدرامية والأدبية، ويمكن أيضًا أن يكون بعنوان، ما الذي يجعل القصة جيدة، أو كيف تكتب قصة مثالية.
سواء أكان مناسبًا أم لا، فقد اقترب أرسطو من الشعر بنفس الطريقة العلمية التي تناول فيها علم الأحياء أو الفيزياء، وقام بجمع وتحليل وتصنيف مجموعة كبيرة من البيانات. من هذه البيانات، حاول تجريد المبادئ النفسية العميقة التي تكمن وراء أفضل القصص.
قد يتساءل المرء لماذا حوّل منطقيًا عظيمًا مثل أرسطو عقله إلى الفنون المقلدة(imitative arts). في الدراسات الإسلامية، تم الاستعانة بكتابي أرسطو الخطابة والشعرية وتصنيفهما من أعمال أرسطو المنطقية، وكذلك كتاب أورغانون، وصحيح أن الكتب الثلاثة تقع على طيف واحد: لكننا نجد أن الأورغانون يدور حول كشف الحقيقة، أما البلاغة والشعرية فتدور حول غرسها في أنواع أقل فلسفية.
لكل ذلك، لا ينظر أرسطو بازدراء إلى الشعر، وفي الواقع، يعتبره أكثر تقديرًا من التاريخ. حيث يقول إن الشعر “هو أكثر فلسفية وأعلى من التاريخ: لأن الشعر يميل إلى التعبير عن العام، لكن التاريخ يهتم بالخاص …”
والآن لنتعرف على طريقك لكتابة قصة مثالية من خلال نصائح وإرشادات تم اكتسابها خلال أكثر من ألفي عام!
كيف تكتب قصة مثالية
1.بشكل جوهري، يجب أن تكون القصة عن الناس
يشير أرسطو إلى أنه من أهم أهداف الأعمال الإبداعية هو إثارة فضول الناس. في الشعر التراجيدي والملحمي، يتم تمثيل الناس على أنهم أفضل مما في الحياة الواقعية، في الكوميديا، كأسوأ. لا ينبغي أن تكون الشخصيات الكوميدية الوضيعة سيئة بالمعنى الكامل ولكن مجرد سخيفة.
2. يجب أن يكون البطل لامعًا، وأفضل من المتوسط دون أن يكون فاضلاً
يجب ألا يكون البطل جيدًا للغاية ولا سيئًا للغاية. ولكن على الرغم من أنه ليس فاضلاً، إلا أنه يجب أن يكون ذائع الصيت، مثل أوديب، وثيست، وأمثالهم. يجب ألا يكون البطل أسوأ من الشخص العادي، ولكن يجب أن يكون أفضل بشكل ملحوظ.
3. يجب أن تكون شخصية البطل متسقة
يضمن اتساق الشخصية أن ينشأ تفكك الحبكة من المؤامرة نفسها وليس من أفعال غير محتملة أو تدخل إلهي. يجب على الكاتب أن يذهب إلى أبعد من ذلك ليضع نفسه في مكان شخصياته، والقيام بأفعالهم، والشعور بمشاعرهم. لكي يتمكن من القيام بذلك، يجب أن يكون للكاتب موهبة خاصة، أو جانباً من جوانب الجنون.
4. يجب أن يكون هناك أيضًا مجال للمفاجأة
تكون المأساة أكثر فاعلية في إثارة مشاعر الخوف والشفقة إذا كانت الأفعال، على الرغم من مصداقيتها، تأتي كمفاجأة. يجب تجنب الخيال الصريح ولكن يمكن تبريره إذا جعل العمل أكثر إثارة للإعجاب.
5. يجب أن تكون القصة مدفوعة بالحبكة
على الرغم من أن القصة يجب أن تدور حول الأشخاص، إلا أنها ليست الشخصية التي تحدد الفشل والنجاح بل الأفعال. الحياة عبارة عن عمل. تعكس هذه الملاحظة المبهمة وجهة نظر أرسطو بأن نهاية الحياة هي السعادة، وأن السعادة ليست حالة بل فعل أو نشاط يقوم به الإنسان.
6. يجب أن تتكون الحبكة من ثلاثة أجزاء.
يجب على الكاتب أن يحدد الحبكة قبل أن يملأ حلقاتها. حيث يجب أن تحتوي الحبكة على بداية ووسط ونهاية. نظرًا لأن الجمال يعتمد على الحجم وكذلك الترتيب، يجب أن يكون كل جزء من هذه الأجزاء بحجم معين. كما يجب أن تكون الحبكة طويلة بما يكفي لكي تنتقل الشخصية الرئيسية من الحظ إلى سوء الحظ أو العكس، ولكن ليس لفترة طويلة كيلا يشعر القارئ بالملل. يجب أن يشعر بالشفقة أو الخوف من الحبكة نفسها، وليس من مجرد مشهد. الأفعال الأكثر إثارة للشفقة والخوف هي تلك التي تحدث بين المقربين، وليس بين الغرباء أو الأعداء.
7. يجب أن تتكون الحبكة من سرد واحد.
لا تعني وحدة العمل وحدة الشخصية الرئيسية. على سبيل المثال، لا تتضمن الأوديسة كل مغامرة قام بها أوديسيوس، ولكن فقط تلك التي تشكل جزءًا من قصة واحدة، إذا كانت واسعة. يجب أن يكون التخطيط محكمًا. إذا كان وجود الشيء أو غيابه لا يحدث فرقًا، فهذا الشيء ليس جزءًا عضويًا من الكل ويجب استبعاده.
8. الأسلوب مهم أيضًا، على الرغم من أنه أقل أهمية من الشخصية و المؤامرة.
يجب أن يكون الأسلوب واضحًا دون أن يكون لئيمًا. يمكن رفع مستوى اللغة من خلال الاستخدام الحكيم للكلمات الغريبة والكلمات المركبة، وقبل كل شيء، الاستعارة. يجب على الشاعر أن يتحدث عن نفسه بأقل قدر ممكن.
وبهذا تكون قادراً على أن تكتب قصة مثالية.