تكنولوجيا المعلومات و الهوية الثقافية

تكنولوجيا المعلومات و الهوية الثقافية لا يمكن معرفتها عن طريق اختزالها إلى عناصر ومكونات محددة،  أو

تجريدها إلى أفكار ومقولات ثابتة، فهي عملية صراع وتلاحم وتفاعل بين القديم والجديد، بين الموروث

والمستورد، وبين المستقر المألوف والغريب المقلق. فالهوية الثقافية نشير إلى تميز الفرد وكيفية إدراكه لذاته،

ويمكن التمييز بين الهوية الذاتية للأفراد، والتي تشير إلى إحساس الفرد بذاته، والهوية الجماعية للأفراد، والتي

تشير إلى إحساس الفرد بذاته مقارنة بالآخرين الدين يعيشون معه، ولهذا تعد الهوية القومية أو الوطنية مفتاحاً

أساسيا للهوية الثقافية، كما تعنى الهوية التفرد أو مماثلة الآخرين ، وبهذاتوجد تشابهات واختلافات بين الفرد

وبين الآخرين. ونتيجة لذلك، فإن التعريف يعني التفرد، والهوية الثقافية تنطوي على التفرد من حيث المعايير

والأنماط والسلوك والتفضيلات والقيم الثقافية، وتنص المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على أن الهوية

الثقافية من البيانات الحية للسلوك، وتعنى بالحوار والتنمية والعطاء والإبداع، إنها ليس مركبًا ثابتًا من السمات

والقيم والتقاليد، بل هي مجموعة من العواطف والسلوكيات والسمات التاريخية والأبعاد الفكرية والغنية

والروحية؛ تعيد الذات اختراع نفسها باستمرار ضمن معايير محددة، خصائصها تتغذى من تقاليد المجتمع ذات

الطوابق والقدرات الإبداعية المتأصلة فيه، تمامًا كما تتغذى من مساهمات من العالم الخارجي من خلال

استيعاب والتمثيل. الأساس لتقدم الأفراد والجماعات والأمم، والهوية الثقافية ليست مجرد تراث ثابت أو

مجموعة من التقاليد، بل هي كذلك أيضاْ ديناميكية داخلية، عملية إبداعية مستمرة للمجتمع بموارده

الخاصة،كما يغذيها التنوع الداخلي، الموجود بوعي وعمد، وقبول المساهمات من الخارج عن طريق استيعابها

عند الحاجة.

 

  • مفهوم الهوية الثقافية
  • مفهوم تكنولوجيا المعلومات
  • جوانب لتكنولوجيا المعلومات 
  • أبعاد تكنولوجيا المعلومات
  • المؤسسات المسئولة عن تشكيل الهوية الثقافية

تأثير تكنولوجيا المعلومات و الهوية الثقافية

اولاْ: مفهوم الهوية الثقافية:

تتألف الثقافة من القيم والأفكار وطرائق التعبير والأيديولوجيات واللغة والأحكام العامة، إلا أنها من جانب آخر

تحتضن ثقافات فرعية منها ثقافة الأطفال، وأنماط السلوك ما هو سائد بينهم، كما أن  للأطفال قيمهم وأفكارهم

وطرائق تعبيرهم ولغتهم وميولهم ومعاييرهم وألعابهم كذلك ، ولهم أيضا أساليب حركية أو رمزية أو اتصالية أو

عقلية أو عاطفية. يكتسب الأطفال الهوية الثقافية من خلال جميع الأنشطة الثقافية، كما يفعلون عندما

يتعلمون عن الثقافة بشكل عام، وتعد الهوية مصطلح اجتماعي نفسي يصف كيف يرى المجتمع أو المجموعة

نفسها وكيف تختلف عن الآخرين. وهي تقوم على المعتقدات الثقافية التي ارتبطت تقليدياً بالجماعة أو المجتمع

وبالقيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. (عايدة إبراهيم،2000، ص ٧٢)1

وإذا كانت الثقافة العامة تنطوي على “هوية”، فإن ثقافة الأطفال تنطوي هي الأخرى،على “هوية” فيما تنفرد به

هذه الثقافة عن سائر ثقافات الأطفال في المجتمعات المختلفة، ويشمل الأمر تفردها أيضاً عن الثقافات الأخرى

والثقافات العامة في المجتمع الواحد. ومن هنا أمكن الجزم بوجود هوية ثقافية للأطفال العرب، وذلك عند تبين

تميز هذه الثقافة بعدد من المفردات المعنوية والسلوكية وتفردها بانتظام تلك العناصر في سلم،

إلى حد ما؛ لأن الخصوصية الثقافية هي هوية أي شخصية تتفرد في جوانب ثقافية

(هادى نعمان الهيتى، ٢٠٠٨، ص ٧٢)2

فنجد أن الهوية الثقافية للطفل تتمثل في مجموعة السمات الثقافية والصفات الخاصة التي تجعل الإنسان يشعر

بذاته ويختلف من مجتمع لآخر وفقا للسلوك والعادات والقيم والخبرات والتراث و التقاليد والقوانين والأفكار، وتبعا

للظروف الاقتصادية و السياسية والتاريخية والاجتماعية والسيكولوجية التي يمر بها الإنسان  ويعيشها في

مجتمعه.


ثانياْ: مفهوم تكنولوجيا المعلومات:

على الرغم من أن لفظة تكنولوجيا ارتبطت بالجانب العملي والوظيفي لعلوم المهندسين،  إلا أن نطاق

استخداماتها فيمجتمع المعرفة يتعدى العلوم الهندسية فقط، إذ من خلالها يمكن توصيل المعلومات وتنمية

المهارات، وذلك على المستويين:

النظري والتطبيقي معاً، ناهيك عن إسهاماتها في تنمية التفكير، وفي الحصول على المعرفة المتجددة، وفي

اكتساب خبرات معاصرة. من المنطلق السابق، يمكن تعريف التكنولوجيا بأنها مفهوم يتمحور حول التطبيق

المنظومي للمعرفة في شتى تجلياتها، سواء أكانت علمية أو اجتماعية أم اقتصادية أم سلوكية …. الخ،

وتهدف تطبيقاتها حل المشكلات المعقدة والصعبة في شتى المجالات، وذلك من خلال تطبيق مجموعة من

الإجراءات العملية والأفكار النظرية ويكون سبيلها لتحقيق ذلك مجموعة من الوسائل والتنظيمات اليدوية أو الآلية.

هذا عن تعريف التكنولوجيا ،

 

تعريف تكنولوجيا المعلومات في معناها الأعم والأشمل، فهو:

التكنولوجيا التي تتعلق بتخزين واسترجاع ومعالجة وتداول المعلومات وإنتاج البيانات الشفوية أو المصورة أو

النصية أو الرقمية، ويتم ذلك باستخدام الكمبيوتر والإنترنت، كما يتحقق من خلال التفاعل بين الإنسان والآلة من

جهة وبين الآلات فيما بينها من جهة أخرى.

 

 ثالثا: لتكنولوجيا المعلومات ثلاثة جوانب، وهي:

الجانب المادي وله شقان، هما:

  1.   المجالات المعرفية (علمية وتقنية وهندسية واجتماعية).
  2.  الإجراءات الإدارية، والتقنيات المستخدمة لتحقيقها.

 

الجانب البشري:

ويتمثل في الجهود الإنسانية المبذولة في جمع وتجميع وتصنيف المعلومات المختلفة،

وبذلك يمكن تخزين تلك المعلومات ومعالجتها كمياً ووصفياً، كما  يمكن نقلها وبثها، أو

استرجاعها كذلك كلما استدعت الضرورة ذلك.

 

الجانب البيني أو التداخلي:

ويقوم على أساس التفاعل بين التقنية وما يصاحبها من معرفة ومعارف، وبين الإنسان الذي يتعامل مع التقنية

بحرفية وكفاءة عاليتين، وأيضاً بكافة حواسه ومدركاته.


رابعاْ: أبعاد تكنولوجيا المعلومات:

انتشرت المعلومات عبر خمس ثورات لاحقة، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:

  1.  إن تطور الكتابة المسمارية في بلاد ما بين النهرين، تلاه تطور الكتابة التصويرية كذلك  ومجموعة متنوعة من أساليب الكتابة الأخرى، كما يمثل أول ثورة في تكنولوجيا المعلومات.
  2.  إنشاء الطباعة، أولاً بالطباعة الحجرية الساكنة، ثم بالحروف المعدنية الثابتة، وأخيراً بالطباعة المعدنية المتحركة، يرمز إلى ثورة تكنولوجيا المعلومات الثانية.
  3. الثورة الثالثة في تكنولوجيا المعلومات: من الأمثلة على ذلك تطوير أشكال عديدة من مصادر المعلومات السمعية والبصرية،  بما في ذلك الهاتف، والراديو، واللاسلكية، والتلفزيون، وغيرها من المواد السمعية والبصرية.
  4.  إن ظهور الحاسوب الإلكتروني وما تلاه من تقدم عبر عدة مراحل وأجيال بمثابة استعارة لثورة تكنولوجيا المعلومات الرابعة.
  5.  إن الجمع بين تكنولوجيا الكمبيوتر الإلكترونية وتكنولوجيا الاتصالات المتنوعة هو مثال صارخ على ثورة تكنولوجيا المعلومات الخامسة.  ( قنديلجي، و السمرائي، 2002، 85)3

خامساْ: المؤسسات المسئولة عن تشكيل الهوية الثقافية :

تؤثر الثقافة في الطفل من خلال مؤسساتها المختلفة، فبعض هذه المؤسسات لها أثرها التربوي المقصود، أي

أن مهمتها الرئيسة هي تربية الطفل وإعداده الإعداد المناسب لعضوية المجتمع الذي يعيش فيه، ومن هذه

المؤسسات الأسرة والمدرسة إلا أن معظم المؤسسات الثقافية الأخرى مثل الصحافة والمجلات والإذاعة

والتليفزيون وشبكة الإنترنت وغيرها،كذلك  تتجه إلى الكبار والصغار معاً، أي أن تأثيرها يبدأ منذ الطفولة، ويستمر

خلال مراحل نموه وحياته كلها. ولعل الكثير من تلك الوسائط تقوم بالوظيفتين معا حيث يمتد تأثيرها من مراحل

الطفل الأولى حتى يصير مسئولا وعضواً عاملاً في المجتمع ومن أهم هذه الوسائط:

 

الأسرة:

تعتبر أهم الوسائط التي تشكل ثقافة الطفل، فعن طريق العلاقات الأسرية يتعلم الأطفال تراث مجتمعهم

الثقافي والاجتماعي الذي يشكل سمة هويتهم الثقافية. فالأسرة هي المسئول الأول عن غرس معاني

الوطنية والانتماء والولاء وتشكيل الهوية الثقافية للطفل، حيث إن الأطفال في هذه المرحلة المبكرة يكتسبون

من أسرتهم العديد من القيم بطريقة غير مباشرة بناء على التعامل بينهم، ربما تظل تلك القيم والأفكار

والاتجاهات كذلك التي تتكون عندهم في هذه المرحلة هي الأساس للشخصية مدى الحياة. كما تظهر أهمية

وحدة الأسرة في تنمية الهوية الثقافية للأطفال على الرغم من تفاوت الأسرة في أشكالها من مجتمع إلى

آخر،كما إنها عادة ما توصف بأنها مؤسسة اجتماعية عالمية، ويرجع ذلك إلى أنها تخضع في نشأتها وتنظيمها

في كافة المجتمعات للقيم والعقائد و التقاليد السائدة، وفي أنها تقوم بوظائف أساسية مشتركة

(Anne Campbell ,2002,p44).5

ولذلك فالأسرة تقوم بنقل قيم واتجاهات وعادات وتقاليد وسلوكيات ومهارات المجتمع إلى الأجيال الصاعدة؛

حتى يمكنهم التفاعل مع الثقافات المختلفة والقيام بأدوارهم.

 

المدرسة:

تعتبر المدرسة من وسائل نقل الثقافة عبر الأجيال، فهي تقوم كذلك بتعليم وتثقيف الأطفال وتوسع مداركهم

العلمية، وتنور بصائرهم وتزودهم بثقافات مختلفة، كما تقوم بتوحيد مصادر الثقافة والاتجاهات الفكرية، كما تعمل

على انتمائهم إلى قيم اجتماعية واحدة، وربطهم بأعمال توحد مصالحهم، وتقرب بين أفكارهم وآرائهم وميولهم

ورغباتهم.

ومن الوظائف المهمة والرئيسة للمدرسة: الوظيفة التعليمية، وتعنى مفاتيح وأسس العلوم التطبيقية

والاجتماعية والإنسانية المعاصرة بشكل يسمح بالبناء على تلك الأسس في المراحل العليا للعملية التعليمية،

والوظيفة التربوية: وتعنى غرس وتأصيل وتنمية وتثبيت مجموعة من القيم مثل: الصدق والأمانة والعدالة واحترام

الذات واحترام الغير ومنظومة اقتران الحقوق بالواجبات، وكذلك قيمة احترام الوقت والمنافسة، وهذه القيم لا

تتحقق إلا عن طريق الممارسة من خلال العمل الجماعي والأنشطة داخل المدرسة.

المراجع

  1.  عايدة إبراهيم: الموهبة والإبداع، القاهرة، دار المعارف، ٢٠٠١.
  2. هادى نعمان الهيتى: الإعلام والطفل، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008.
  3. قنديلجي، عامر إبراهيم، والسمرائي، إيمان فاضل، تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها، عمان مؤسسة الوراق، 2002. ص 85
  4.  آن كامبل: الهوية الثقافية كبنية اجتماعية ، تعليم متعدد الثقافات ، المجلد 11 ، رقم 1 ، 2000

زر الذهاب إلى الأعلى